كثير من الناس يتساءلون: كيف تكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين؟ وهل الولاية أمر صعب لا يُنال إلا لفئة قليلة من العباد، أم أن الطريق إليها مفتوح لكل من صدق مع الله وسار على هدي كتابه وسنة سيدنا محمد ﷺ؟
الولاية في الإسلام ليست مجرد ادعاء باللسان أو مظاهر سطحية، بل هي مقام عظيم يقوم على الإيمان والتقوى والعمل الصالح. قال الله تعالى:
“أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ” [يونس: 62-63].
وهذا يعني أن كل من آمن بالله حق الإيمان، واتقاه حق التقوى، يمكن أن يدخل في زمرة أوليائه. وفي هذه المقالة سنستعرض الخطوات العملية، والصفات الروحية، التي توصل الإنسان ليكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين.
معنى الولاية عند الله
الولاية في اللغة تعني القرب والنصرة، وولي الله هو الذي تولى الله أمره، فصار قلبه معلقًا به، مطيعًا له، بعيدًا عن معصيته.
الولاية ليست مقامات صوفية باهرة ولا كرامات ظاهرة، بل حقيقتها هي المحبة والطاعة. ومن أراد أن يعرف كيف يكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين، فعليه أن يبدأ من هنا: أن يخلص نيته لله، ويجعل حياته كلها في طاعته ورضاه.
كيف تكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين: شروط أساسية
- 
الإيمان الصادق
أول شرط لدخول ولاية الله هو الإيمان الحق، إيمان يملأ القلب يقينًا بوحدانية الله، وبرسالة سيدنا محمد ﷺ، وبالملائكة والكتب واليوم الآخر والقدر خيره وشره. - 
التقوى
التقوى هي لبّ الطريق، فهي أن تجعل بينك وبين معصية الله وقاية. كلما زادت تقواك، زاد قربك من الله، واقتربت أكثر من مرتبة الأولياء. - 
الإخلاص في العمل
كل عمل بلا إخلاص لا قيمة له. فالمخلص يعمل لله لا ليُمدَح ولا ليُقال عنه عابد. ومن يريد أن يعرف كيف يكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين، عليه أن يطهر قلبه من الرياء. - 
اتباع سنة سيدنا محمد ﷺ
لا يمكن أن يبلغ العبد ولاية الله إلا باتباع سنة نبيه. فقد قال الله تعالى:“قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ” [آل عمران: 31].
 
أخلاق أولياء الله الصالحين
من أبرز ما يميز أولياء الله الصالحين:
- 
الزهد في الدنيا: لا يعني ترك العمل ولا ترك الرزق، بل أن تكون الدنيا في اليد لا في القلب.
 - 
الحلم على المسيء: كما كان سيدنا محمد ﷺ يحلم على من أساء إليه، ويقابل الإساءة بالعفو.
 - 
الصبر على البلاء: فقد ابتلي الصحابة رضي الله عنهم ابتلاءات عظيمة، وكان صبرهم سببًا في رفعتهم.
 - 
محبة الناس والرحمة بهم: قال رسول الله ﷺ: “الراحمون يرحمهم الرحمن” (رواه الترمذي).
 
الطريق العملي: خطوات كيف تكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين
- 
المحافظة على الصلاة بخشوع: فهي صلة العبد بربه.
 - 
الإكثار من الذكر: فالذكر حياة القلب. قال تعالى: “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ”.
 - 
قيام الليل: من علامات أولياء الله أنهم يناجون ربهم في جوف الليل.
 - 
صحبة الصالحين: فالمرء على دين خليله.
 - 
طلب العلم الشرعي: فلا ولاية بلا علم يهدي الطريق.
 - 
الدعاء الدائم: فالولي لا يستغني عن الدعاء.
 
نماذج من أولياء الله الصالحين
- 
أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان أول من آمن من الرجال، وضحى بكل ما يملك في سبيل نصرة الإسلام.
 - 
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان مثالًا في العدل والهيبة، لا يخاف في الله لومة لائم.
 - 
عثمان بن عفان رضي الله عنه: جمع بين الحياء والكرم، حتى جهز جيش العسرة.
 - 
علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان من أشجع الناس وأعلمهم بكتاب الله.
 
كل هؤلاء كانوا أولياء لله، لأنهم حققوا شروط الإيمان والتقوى، وساروا خلف سيدنا محمد ﷺ.
كيف تعرف أنك ولي من أولياء الله؟
قد يسأل أحدهم: كيف أعرف أنني صرت من أولياء الله الصالحين الحقيقيين؟
والجواب: الولاية ليست بشعور داخلي ولا بكرامة ظاهرة، بل بصدق الطاعة، وحسن الخاتمة، والقبول عند الله. فإذا وجدت نفسك مقبلًا على الطاعة، كارها للمعصية، محبًا لله ورسوله، فهذا من علامات ولايتك لله.
ثمرات الولاية لله
- 
الأمان من الخوف والحزن: كما قال تعالى: “أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”.
 - 
محبة الله للعبد: وما أعظم أن يحبك الله!
 - 
إجابة الدعاء: فالولي قريب من الله، والله قريب منه.
 - 
النور في الدنيا والآخرة: نور يسري في القلب، ثم في القبر، ثم يوم القيامة.
 

الخاتمة حول كيف تكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين
إن كنت تتساءل: كيف تكون من أولياء الله الصالحين الحقيقيين؟ فاعلم أن الطريق يبدأ بخطوة، بخطوة صدق مع الله، ثم بالثبات على الطاعة، والتدرج في تزكية النفس، حتى يملأ الله قلبك بالإيمان والنور.
أولياء الله هم الذين قال فيهم القرآن: “الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ”.
فالولاية ليست بعيدة، بل هي قريبة لكل من صدق وسعى.
نُجدد محبتنا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم), لمعرفة المزيد من المقالات حول السيرة النبوية وقضايا التزكية والأخلاق، يمكنك زيارة موقع الشيخ خلدون.