معنى التواضع الحقيقي في الإسلام هو خلق عظيم دعا إليه الله تعالى في كتابه، ورسّخه سيدنا محمد ﷺ في سنته وأفعاله، حتى صار علامة من علامات الإيمان وكمال العبودية لله. التواضع ليس ضعفًا أو خضوعًا للذل، بل هو رفعة للنفس، وكسر للكبر، واعتراف بفضل الله على العبد. وهو من الأخلاق التي تُثمر محبة الله ومحبة الناس، وتجعل المؤمن قريبًا من قلوب الخلق، بعيدًا عن الغرور والتعالي.
وفي زمن طغت فيه المظاهر، وأصبح البعض يقيسون قيمتهم بما يملكون لا بما هم عليه من أخلاق، تأتي العودة إلى فهم التواضع الحقيقي ضرورة ملحة، لاسيما لمن يريد السير في طريق التزكية والأخلاق. وقد حرص العلماء والمربون – ومنهم الشيخ خلدون، الباحث في علوم الشريعة والتزكية والأخلاق – على بيان هذا الخلق بأسلوب مبسط يناسب الجميع، من خلال موقعه https://khaldoneg.com/ الذي يقدم المعرفة الشرعية بروح المحبة والرحمة.
1. تعريف التواضع لغة واصطلاحًا
أ. المعنى اللغوي للتواضع
التواضع في اللغة مأخوذ من الفعل “وضع”، أي خفض الشيء. يقال: تواضع فلان، أي خفض نفسه وابتعد عن الكبر. وهو ضد التكبر والتعالي.
ب. المعنى الشرعي معنى التواضع الحقيقي في الإسلام
في الاصطلاح الشرعي، التواضع هو خضوع القلب لله عز وجل، ولين الجانب للخلق، وترك التعالي عليهم، مع القيام بحقوقهم وعدم احتقارهم، مهما كانت منازلهم أو أحوالهم. وهو خلق يجمع بين محبة الله والاعتراف بفضله، وبين الرحمة بالناس واحترامهم.
2. أهمية التواضع في الإسلام
التواضع ليس خُلقًا ثانويًا في الإسلام، بل هو من أعمدة الأخلاق الإيمانية. قال الله تعالى:
“وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ” [الحجر: 88]
هذه الآية تأمر بخفض الجناح للمؤمنين، أي التواضع لهم، وعدم التعالي عليهم.
وسيدنا محمد ﷺ قال:
“وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله” (رواه مسلم)
فالتواضع سبب للرفعة الحقيقية، لا للانكسار.
3. التواضع في سيرة سيدنا محمد ﷺ
سيدنا محمد ﷺ هو القدوة العظمى في التواضع. فقد كان بإمكانه أن يعيش حياة الملوك، لكنه اختار البساطة.
-
مع أصحابه رضي الله عنهم
كان يجلس بينهم كأحدهم، حتى أن الغريب إذا جاء المجلس لم يعرفه إلا أن يسأل: “أيكم محمد؟”. لم يكن يجلس في مكان مميز، ولم يكن يرضى أن يقوم له أحد قيام إعظام، بل كان يكره ذلك. -
مع الفقراء والضعفاء
كان ﷺ يزور المرضى، ويعود الفقراء، ويجلس معهم، ويأكل مما يأكلون، بل كان يقبل دعوة المملوك إذا دعاه إلى طعامه. -
مع الأعداء والمخالفين
حتى في أوقات الشدة، كان يعفو ويتواضع. يوم فتح مكة، دخلها مطأطئ الرأس شكرًا لله، رغم أنه منتصر.
4. أنواع التواضع ومعنى التواضع الحقيقي في الإسلام
أ. التواضع لله عز وجل
هو أعظم أنواع التواضع، ويكون بالخضوع لأوامره، والانكسار بين يديه، وعدم الاعتراض على قضائه وقدره، والإذعان لشرعه.
ب. التواضع مع الخلق
ويكون بمعاملة الناس برفق ولين، واحترام الكبير، ورحمة الصغير، وتقدير كل إنسان بحسب مكانته التي أعطاه الله إياها.
5. ثمار التواضع في الدنيا والآخرة
-
محبة الله: لأن الله يحب عباده المتواضعين.
-
محبة الناس: فالناس تميل إلى من يتواضع لهم ولا يتكبر عليهم.
-
الرفعة الحقيقية: قال ﷺ: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله” (رواه مسلم).
6. كيف يكتسب المسلم التواضع؟
-
تذكر عظمة الله وضعف النفس: فكل ما نملكه من الله، وهو قادر على أخذه في لحظة.
-
الاقتداء بسيدنا محمد ﷺ في أفعاله وأقواله.
-
مخالطة الفقراء وزيارتهم، لتتعلم أن القيمة الحقيقية ليست في المال أو الجاه.
-
تجنب المظاهر الفارغة التي تدعو إلى الغرور.
7. التواضع الزائف وخطورته
هناك من يتظاهر بالتواضع ليكسب المديح، وهذا ليس تواضعًا حقيقيًا، بل هو رياء، وهو أشد خطرًا على النفس من الكبر الظاهر.

الخاتمة عن معنى التواضع الحقيقي في الإسلام
التواضع في الإسلام ليس مجرد خُلق اجتماعي، بل هو عبادة قلبية وسلوك يومي، به يرفع الله العبد في الدنيا والآخرة. والتواضع الحقيقي هو ما كان لله، بلا تصنع ولا رياء، كما كان حال سيدنا محمد ﷺ وأصحابه رضي الله عنهم.
ولمن يريد السير في طريق التزكية وفهم الأخلاق النبوية بأسلوب ميسر، يمكنه الرجوع إلى موقع الشيخ خلدون https://khaldoneg.com/ للاستزادة من العلم والعمل.
نُجدد محبتنا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم), لمعرفة المزيد من المقالات حول السيرة النبوية وقضايا التزكية والأخلاق، يمكنك زيارة موقع الشيخ خلدون.